وَمَنْ أَعْرَضَ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
ما معنى قوله تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى
وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً) طه ،وهل ينطبق معناها على من حفظ شيئاً
مـــن القـــرآن ثم نــسيه بســبــب الإهمال وقلة الفـراغ وعدم
المداومة على قراءته؟
الجـواب :
معنى قوله تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنكاً ) أن كـل من أعرض عـــن ذكر الله وهذا يشمل
الإعراض عن ذكره الذي هو القرآن والوحي الذي أنزله على
أنبــيائه ورسله ويشمل الذكر الذي هو ذكر الله تعالى بالقلب
وباللسـان وبالجوارح فمن أعرض عن هذا وهذا فإنه يعاقب
بهذه العـقـوبة العظيـمة فإن له معيشةً ضنكا وهذه المعيشة
الضـنك قيل إن المراد بها تضييق القبر عليه بعد موته وقيل
إن المــراد بهــا ما هــو أعــم وحتى وإن بقي في دنياه فإنه
لا يكـــون منشرح الصدر ولا يكون مطمئن القلب وذلك لأنه
لا عيـش أنعم ولا أطيــب من عــيش من آمــن بالله وعـــمل
صالحاً كما قال الله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
وَهُــــوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَن
مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل ، وقال بعض السلف لو يعلم الملوك
وأبناء الملـــوك ما نحـــن فيه لجــالدونا عليـه بالسيوف لأن
الإيمــان مع العــمل الصــالح يوجــب للإنــسان الانشـــراح و
الطمـــأنينة ويــكـون فـي قلبه نور ويكون راضياً بقضاء الله
وقدره في المكاره والمحاب فلا يوجد أحدٌ أنعم منه وهذا القول
أقرب إلى الصواب أن المعـــيشة الضنــك تشمل هذا وهذا في
القبر وكذلك في الدنيا أما بعد الحشر فإنه يحشر والعياذ بالله
يوم القيامة أعمى كما قال الله تعالى ( وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
عَـلَى وُجُـــوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْـماً وَصُـمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ
زِدْنَاهُمْ سَعِيراً)الإسراءً ،وحينئذٍ يسأل لا سؤال استعتاب ولكن
سؤال استظهار لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا وهذا لأجل
إقامة الحجة عليه وخــزيه والعياذ بالله يوم القيامة فيقول الله
له ( كَــــذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْم َتُنسَى ، وَكَذَلِكَ
نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ )